Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
منوعات

وقفة مع طابع بريد: مسجد كتشاوة..تحفة معمارية مذهلة في قلب الجزائر

مسجد كتشاوة في قصبة الجزائر

يعتبر مسجد كتشاوة في الجزائر العاصمة واحدا من المعالم الاثرية التي صارعت الزمن فرغم العوامل الطبيعية والبشرية التي طالته منذ قرون من تشييده ,ظل احد ابرز واقدم المعالم التاريخية في حي القصبة العتيق ,الذي يحتضن بين جدرانه المتعانقة صروحا عريقة تعاقبت عليها أجيال واجيال.

متى تم بناء مسجد كتشاوة ؟

يقول المؤرخون  أن المسجد أُنشـأَ في بدايته كمصلى بذات المكان الذي كانت تقع بجواره سوق للماعز،
والتي تعرف حاليا بساحة الشهداء، ومنها اشتُقَّ اسم السوق كتشاوة الذي يعني بالتركية سوق الماعز فصار المصلى يعرف به  ..

هندسة معمارية إسلامية من الطراز الرفيع

بني هذا المسجد  في العهد العثماني من قبل أحد أكبر قادة الأساطيل العثمانية ووالي الجزائر آنذاك “خير الدين بربروس باشا ” وذلك عام 1520.  ليتميز المسجد بهندسة معمارية إسلامية بطابع عثماني خالص، إلا أن الباي حسن أحد الحكام العثمانيين الذين تعاقبوا على حكم الجزائر، لم تعجبه الهندسة المتواضعة للمسجد فقرر توسيعه وزخرفته, ليكون في أبهى حلة، وانتهت عملية التوسيع الضخمة سنة 1792، وكان تحفة معمارية مبهرة, بمآذنه, وصومعته ,وأعمدته المرمرية ,وفسيفسائه ونقوشه البديعة .

اختلاف في اصل تسمية الجامع لمسجد كتشاوة

أُطلق عليه  اسم “مسجد كتشاوة” لاعتبار تسمية لفظ كتشاوة تدل على زاوية تقع على بعد أربعين متر لأحد المشايخ اسمه سيدي كتشاوة، يقول الخبير بالتاريخ العثماني في منطقة شمال إفريقيا، محمد مدور في تصريح له في حصة بيوت الرحمن التي تبثها كل جمعة إذاعة القرآن الكريم الجزائرية. في حين يذهب زين الدين العربي إلى أن تسمية كتشاوة التي تعني في اللغة التركية سوق الأغنام، إنما هي كلمة محرفة عن كلمة كالشواة التي هي اسم للمكان الذي بني عليه المسجد.

تحويل مسجد كتشاوة الى كنيسة خلال الاحتلال الفرنسي للجزائر وسقوط اكثر من 4000 قتيل

لقد قام الجنرال الدوق دو روفيغو ,وهو القائد الأعلى للقوات الفرنسية الذي كان تحت إمرة قائد الحملة الفرنسية الاستعمارية دوبونياك ,بتحويل الجامع إلى إسطبل،بعد أن قتل فيه من المصلين ما يفوق أربعة آلاف مسلم كانوا قد اعتصموا فيه احتجاجا على قراره تحويله إلى كنيسة، كما تم إخراج جميع المصاحف الموجودة فيه إلى الساحة المجاورة وأحرقت عن آخرها، وتم تحول الجامع إلى كاتدرائية لأكثر من قرن ,بالرغم مما جاء في وثيقة تسليم مدينة الجزائر من قبل حاكم الجزائر في
ذلك الحين الداي حسين، والتي تشترط على وجوب احترام السلطات الفرنسية للديانة الإسلامية، وتتعهد بحماية ممتلكات السكان من السلب والنهب.

 استرجاع المسجد بعد استقلال الجزائر وإقامة اول صلاة فيه

وبعد استقلال الجزائر في 5 جويلية  1962 , اعيد مسجد كتشاوة إلى دائرة الإسلام؛ وأزيلت كل الصلبان التي كانت منتصبة فوق مآذنه وقبابه ، و أقيمت في مسجد كتشاوة أول صلاة جمعة  تحت امامة الشيخ  البشير الابراهيمي يوم 2 نوفمبر 1962 واستقطبت عدداً هائلاً من الجزائريين الذين امتلا بهم المسجد وساحته المجاورة التي سميت ب “ساحة الشهداء ” تخليداً لذكرى الـ 4 آلاف شهيد الذين استشهدوا دفاعاً عنه.

لقد كان كتشاوة كما ظل مفخرة الجميع من الجزائريين بدون استثناء، الذين يحملون في أذهانهم حكايات واسعة عن مصلاه وزخرفته والأئمة الذي مروا على منبره، كما يشدد القاطنون بجواره على قيمة المعلم التي تمنح الهوية الإسلامية التي طالما سعى الاستعمار الفرنسي إلى طمسها.
كما تؤكد الملامح الأثرية على جدران كتشاوة  قوة الانتماء للثقافة الإسلامية ,فالمشاهد لجامع كتشاوة يكتشف بذهول تعاقب الآثار  التي مرت عليه، منذ بنائه وإلى يومنا هذا، منها جملة من الكتابات الرائعة التي تمتد بتشكيلها إلى الامتداد الثقافي الإسلامي ، والتي تم فصلها في العام 1855 حيث تم نقلها إلى متحف بفرنسا ، واستبدلت بنقوش أخرى
تعكس الواقع الثقافي الديني الفرنسي .ومن جملة الزخارف والنقوش التي كانت مكتوبة الآيات القرآنية ، التي أبدعتها يد الخطاط إبراهيم جاكره.

 ترميم مسجد كتشاوة بعد تصدع جدرانه

عمدت  الدولة الجزائرية على عملية ترميم واسعة للمسجد قصد تثبيت المآذن والصومعة والجدران التي تضررت كثيراً من زلزال 21 ماي 2003،
وقد تولت الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا) أعمال ترميم المسجد لنحو ثلاثة أعوام، بالتعاون مع مؤسسات وعلماء آثار جزائريين، وتكفلت الوكالة التركية بجميع مراحل ترميم المسجد بإشراف وزارة السكن والعمران والمدينة الجزائرية، وقد قام على أعمال الرسم والكتابة الخطاط التركي “حسين قوطلو” الحاصل   على جائزة الرئاسة التركية للثقافة والفن سنة 2016 ، وسمح اتفاق ترميم المسجد بالاستفادة من خبرة تركيا في مجال ترميم المساجد ، فضلا عن تدريب عدة كوادر جزائرية في مجال الترميم المساجد  ليستعيد بذلك ” مسجد كتشاوة” مكانته كتحفة عمرانية إسلامية ضاربة في عمق تاريخ، وقد قامت حرم الرئيس التركي أمينة أردوغان في افتتاح ترميمه سابقا.

بواسطة
موقع ن نورت
المصدر
موقع ترك برس
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى