الشهيد بوزيد سعال أول شهداء 8 ماي 1945
نلتقي ونسمع في حياتنا عن أشخاص قد نذكرهم حينا من الزمن وتنسينا إياهم الأيام .يمكن أن نصنف هؤلاء ضمن الأشخاص العاديين ..لم يطبعوا فينا بصمة ولم يتركوا فينا أثر..لكن قليلون هم من سمعنا عنهم ولم نلتقيهم وتمنينا لقياهم. عسى ان تصيبنا عدوى شجاعتهم .هؤلاء الذين عرفناهم اسماءا عابرة في دروس التاريخ التي تم تلقيننا اياها في المدرسة ..سأتجرد من موضوعيتي وأخبركم أين وكيف عرفت هذا الاسم ..في سنوات التسعينات كنت منخرطة في صفوف الكشافة الاسلامية الجزائرية .كنا نحرص على احياء المناسبات الوطنية ..في عام من الأعوام تزامنت ذكرى مظاهرات الثامن ماي 1945 مع درس في مادة التاريخ عن مع درس اغتصاب فرنسا الغاشمة حقنا في التظاهرورفع العلم في 8 ماي .وعرفت ان أول من سقط شهيدا..شاب كشفي رضع الوطنية بدل الحليب من ثدي أمه .فرفع العلم عاليا لأول مرة ،فقتل برصاصة ليلقي ربه مخضبا بدماء الذود عن الوطن ..انه البطل الشهيد بوزيد سعال صاحب 26 ربيعا .ابن الجزائر الشامخة الذي شحذته مدرسة الكشافة الإسلامية الجزائرية همة وشجاعة.وزادته المدرسة القرانية ايمانا وثباتا.
مولده ونشأته
ولد الشهيد بوزيد سعال في شتاء 1919 في قرية الاوريسيا بولاية سطيف . عدد إخوته أربعة بوجمعة وزوينة والياقوت وتومية.ترعرع في عائلة متواضعة تمتهن الفلاحة تعلّم .القراءة في المدرسة القرآنية بمسقط رأسه، وبعد وفاة الأب انتقلت العائلة إلى مدينة سطيف.وهنا اضطرت الأم أن تبحث عن عمل في بيوت المستعمرين لإعالة أولادها. في ذلك الوقت كان سعال بوزيد يبلغ من العمر 15 سنة، فعمل برحي القهوة عند أحد المستعمرين رغبة في مساعدة أمه، ثم انخرط في صفوف الكشافة الإسلامية الجزائرية، فكان نعم الفتى أدب وحنان وقلة كلام، معروف بأخلاقه العالية والرفيعة.
اقرأ المزيد 8 ماي 1945 ..عار فرنسا الذي لن يمحى
المفتش الفرنسي خيّره بين حياته وإلقاء العلم الوطني فاختار الشهادة
تروي ابنة اخت الشهيد بوزيد سعال في حوار أجرته مع يومية الفجر بخصوص خالها الشهيد ” في الثامن ماي 1945 زف خالى شهيدا الى الجنة .. نهض يومها باكرا خرج من المنزل غسل وارتدى بدلة نظيفة ثم ذهب إلى الحلاق ثم اتجه من ”لانقار” مقر سكناه إلى وسط المدينة ”عين الفوارة” للمشاركة في المسيرة مع حشد من أصدقائه احتفالا بانتصار الحلفاء على النازية والفاشية وتجسيد فرنسا لوعودها التي لم تف بها بعد ذلك، أرادوا أن يرفعوا العصي فلم يُسمح لهم بذلك، وقد كان بوزيد أوّل من رفع العلم الوطني خلال المظاهرات وهنا تدخلت الشرطة الفرنسية وتقدم أحد المفتشين وأمر بوزيد برمي العلم لكنه رفض ثم طالبه أصدقاؤه الذين كانوا برفقته بالرضوخ لأمر المفتش وإنزال العلم والتخلي عنه مخافة أن يصيبه مكروه، مما جعل المفتش يخرج مسدّسه ويطلق عليه الرصاص مصوّبا إلى صدره مباشرة.
وبمجرد إطلاق النار تعالت زغاريد النساء وأسرع الجمهور المتحاشد لنقل بوزيد إلى المستشفى لكن شاءت الأقدار أن يلفظ أنفاسه الأخيرة هناك، كانت هذه هي نهاية حياة الشهيد سعّال بوزيد -رحمه اللهنهاية صنعت مجده الذي لن ينمحي.
بطل فذ نقش اسمه بأحرف من ذهب
مات الشهيد واستطاع ان ينقش اسمه على صفحة من ذهب ،هكذا هم الرجال قلة منهم من يجدون لأنفسهم المكانة المحترمة في الذاكرة الفردية والجماعية ، فلا تزول مآثرهم ولا تنمحي من المخيلة صورهم . ولم يكن لنا ان نعرفهم الا لعظيم تضحياتهم وجسيم أعمالهم تجاه شعوبهم وأوطانهم
سعال بوزيد استشهد من أجل العلم الوطني والجزائر.من اجل تمسّكه بمبدأ الوطنية وهو المبدأ الذي يجب أن يتحلى به كل أبناء هذا الوطن .فهم ثروته و جنوده الذين يحموه ويكافحوا في سبيل إعلاء علمه عاليا شامخا بين البلدان دامت الجزائر حرّة أبيّة بسواعد أبنائها وبناتها.