Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
منوعات

لماذا يلبس التوارق(ايموهاغ) اللثام ؟

أصول التوارق

اختلف الكثيرون  في تحديد اصل سلالة التوارق ، اذ يذهب مؤسس علم الاجتماع  عبد الرحمن ابن خلدون الى تصنيفهم من قبيلة صنهاجة العربية بينما ينسبهم اخرون إلى الفراعنة فيما يتجه الأغلبية الى  كونهم ينحدرون من قبائل البربر. لكن المتفق عليه أنهم شعب سكن الصحراء واستوطن قفارها كثبانها وقفارها.

التوارق.. ايموهاغ ..او الملثمون

يتميز التوارق بارتدائهم زي شبه موحد يتمثل في قميص فضفاض ،وسروال واسع ،وحذاء عريض مصنوع من جلد البعير .إضافة الى العمامة الكبيرة ذات اللثام الضيق ،الذي اصبح علامة مسجلة لدى المجتمع الايموهاغي ( إيموهاغ” كلمة تارقية تعني الرجال النبلاء) حتى اسماهم العرب بالملثمون  .

ويسمى اللثام “تاجلموست” وهو عبارة عن قطعة قماش طويلة مستطيلة ،يقوم التارقي بلفها على شكل عمامة على كامل الوجه والرأس ،ولايترك سوى العينين لتتسنى له الرؤية ،ويكون غالبا مزيجا من اللون الأبيض والأزرق النيلي.

اللثام ..بين الواقع والاسطورة

حاول العديد من الانتروبولوجيين تفسير هذه العادة فمنهم من يرجع ارتدائه إلى الوقاية من الجن والأرواح الشريرة، وآخرون يرون أن التارقي يلجأ لإخفاء وجهه عن طريق اللثام كي لايعرفه أعداءه، وفريق آخر فسره بأنه الهدف من ارتدائه هو الوقاية من حر الشمس والزوابع الرملية الصحرواية والبرد القارس، وقد صالوا وجالوا في تفسيراتهم هذه إلى درجة أن هناك من قدم تفسيرات غريبة ومبالغا فيها.

.منها ما ورد في كتاب: التوارق عرب الصحراء الكبرى، الذي يقول مؤلفه الدكتور محمد سعيد القشاط والذي وصف كتابه باقرب عمل كتب عن واقع التوارق وتاريخهم حتى الآن، لأنه حسبه ،كتب بحثه من أفواههم وبين قبائلهم التي تجول بينها منذ أكثر من ربع من الزمن.

وجاء في كتابه عن اللثام (  … فالشباب والشابات يلتقون في الأفراح وغيرها دون أن تغطي المرأة وجهها، بل على العكس فالرجل التارقي في مثل هذه اللقاءات هو الذي يغطي وجهه ويحرص على تضييق لثامه حتى لا يظهر منه غير العينين في اللقاءات التي تتواجد فيها المرأة. وتقول الرواية التي تشبه الأسطورة إن سبب ذلك ان رجال إحدى قبائل الطوارق خرجوا مرة في مهمة، وباغتهم العدو إلى ديارهم التي لم يكن بها إلا النساء والأطفال، وكان في الحي عجوز حكيم، فزعت إليه النساء، فنصحهن بأن يرتدين ملابس الرجال ويتعممن ويحملن السلاح ففعلن، وفجأة عاد رجال الحي، فظن العدو أنه وقع بين جيشين، وانهزم وفر، ومنذ تلك الواقعة أصبح الرجال يرتدون اللثام بشكل دائم.

فرضية اقرب الى الاسطورة

لكن يبقى هذا الراي مجرد اسطورة مادامت لا تحدد لنا زمن ومكان وقوع المعركة  وقد يجعل هذا الطرح اذا كان صحيحا أن جماعة معينة فقط من عموم المجتمع التارقي هي التي حدث معها هذا الأمر وعلى ذلك فإنه من غير المنطقي أن يتحمل عرش التوارق الذي يتواجد على امتداد الصحراء الكبرى ما بين حدود جمهورية مالي الشمالية الغربية مع موريتانيا إلى حدود السودان مرورا بشمال مالي وشمال النيجر وشمال تشاد وجنوب غربي ليبيا وجنوب شرقي الجزائر أن يتحمل هذا العرش بأسره نقيصة قام بها جزء منه في إحدى المخيمات. مثلما لا يصح أن يتحمل مجتمع بأكمله أخطاء مجموعة من أفراده.

التوارق رمز الشموخ والهمة

يقول العيد بودة في مقال لبوابة الجنوب في هذا السياق (إذا تصفحنا تاريخ التوارق الحربي لوجدناهم شعبا أبيا ذا همة تطال الجبال شموخا، ويظهر ذلك في مساهمة الملثمين في التاريخ الإسلامي الكبير بما في ذلك الفتوحات في مناطق المغرب العربي والأندلس،ودورهم الجهادي في إفريقيا وفي نشرهم للإسلام في أدغال القارة السمراء وما هذا الا دليل عن أنفتهم ونذكر على سبيل المثال مقاومتهم الإحتلال الايطالي بليبيا والفرنسي بالجزائر،وليست الحمية والنخوة فيهم أمرا دخيلا ولا مستجدا بل هي خاصية متأصلة فيهم تشربتها نفوسهم التي ألفت مصارعة الطبيعة قبل مصارعة وحوش الإنس.؟ .

قساوة الطبيعة فرضت ارتداء اللثام

تذهب فئة أخرى الى رأي اقرب للمنطق، حيث تعتبر انه لا مجال للشك بان الطبيعة وقساوتها هي من ابرز الأسباب التي جعلت الرجل التارقي يرتدي عمامته الكبيرة ولثامه الضيق ،كوسيلة لمواجهة مؤثرات الطبيعة القاسية من برد قارس في الشتاء ،ورياح ثائرة في موسم اللقاح، وحرارة لافحة في الصيف.خصوصا وأن رجال التوارق هم الأكثر عرضة لهذه العوامل الطبيعية ،من خلال السفر في قوافل التجارة أو بالإبل والمواشي إلى مساحات الكلا والماء ،أو الخروج للصيد أو القتال في عراء البادية،وأغلب هذه الأنشطة لا تقوم بها المرأة في مجتمع التواراق و لذلك فهي دائمة الكشف عن وجهها الذي قلما يغادر خيمتها.

وإن أكثر ما يؤيد هذا الاتجاه هو تسمية التوارق بالرجال الزرق نظرا لكثرة إرتدائهم للون الأزرق الذي كشفت الدراسات العلمية بأنه اللون الأقل احتفاظا بالحرارة ومقاومة للبرودة وهذا يعني أن ارتدائهم له كان عن وعي  وقصد.

 اللثام الترقي والعمامة دليل على المكانة الاجتماعية

هناك رأيي آخريمكن ترجيحه بالنظر إلى واقعيته في مجتمع الملثمين،ويتمثل ذلك في كون التوارق وضعوا اللثام وفق القانون الطبقي الذي يحكمهم .حيث يقضي التفاوت الاجتماعي أن يتلثم الأسياد بسبعة أمتار من القماش مما يجعل حجم عمائمهم كبيرة تدل على أنهم كبراء القوم وخاصته،بينما يتلثم العبيد بأقل من ذلك حجما وقد حدد طول لثامهم بثلاثة أمتار،أما الطبقة المتوسطة عندهم فيكون لثامهم بطول خمسة أمتار،وهذا ما يدفعنا للقول بأن فكرة اللثام لدى التوارق جاءت للتفريق الطبقي بين الناس من خلال النظر.

اللثام رمز الالتزام وحسن الخلق .

ويقول الدكتورالعيد بودة في نفس السياق( اللثام له بعد أخلاقي ينحدر من سمو الشخصية التارقية ويتعلق الأمر بضرورة حجب اللسان والشفتان عن الأنظار بما يتناسب مع هيئة الملثمين في إلتزامهم بعدم إستعمال اللسان فيما لايليق.وهذا ما فهمته من إجابة  أحد كهول الإيموهاغ الذي إلتقيته في خضم رحلتي الاستكشافية لصحراء تهيهاوت النائية أين زودني بمعطيات مختلفة عن طبيعة الشعب التارقي.)

هل سيحل اللثام محل الكمامات في زمن الكورونا؟

بعدما كان اللثام لدى التوارق ضرورة  فرضتها ظروف المناخ سابقا ،و تقليدا راسخا كمظهر من مظاهر التمسك بالاصالة وتراث الأجداد . من الملاحظ ان العالم اجمع سيتلثم لكن بطريقة مخالفة ولأسباب مغايرة احدثتها ازمة كوفيد 19 التي مست جميع انحائه ،فهل سيكون لثام التوارق بديلا للكمامات التي أصبحت إلزامية في الأماكن العامة لمقاومة عدوى كورونا التي لازالت تهدد العالم ؟ وهل ستسمح  السلطات الصحية باللثام كبديل للكمامة ؟خصوصا وان الفيروس لا يزال يظهرعلى شكل متحورات جديدة اكثر فتكا بالصحة العامة؟

..

 

المصدر
djanoubdeutsche welleerriad
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى