قصر الداي حسين او قلعة الجزائر
يقع قصر “الداي حسين “والذي يطلق عليه كذلك تسمية “قلعة الجزائر ” في حي القصبة العتيق بعاصمة الجزائر.بُني في النصف الثاني من القرن الـ16، ليكون مقراً لإقامة آخر دايات (حكام) الجزائر الداي حسين (1773-1838) إبان الفترة العثمانية في البلاد (1515-1830).
يضم القصر، الذي صنَّفته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) ,ضمن قائمة التراث العالمي المحمي، قاعة وسطى مزيَّنة بنافورة من رخام، وجناحاً خشبياً صغيراً يُعرف بجناح “حادثة المروحة”.اضافة الى حمام ومطابخ، وقاعة للموسيقى والابداع، وجناح “الحريم”، وقاعة ديوان الحكم، ومخزناً للأسلحة.
وتمزج القلعة، التي تحتل مساحة تقدَّر بـ4500 متر مربع، بين الطراز المعماري الأندلسي والتركي والفارسي والأوروبي، كما تبرز اللمسة الموظفة للموريسكيين، الذين هجروا الأندلس قسراً عام 1610، في الخزف التونسي، بحسب مراجع تاريخية..
تحفة معمارية اقام فيها اخر الدايات العثمانيين شهدت نقطة حاسمة في تاريخ الجزائر
يعد هذا القصر الذي كان مقر إقامة لآخر دايات الجزائر, من أجمل المجموعات المعمارية لمدينة الجزائر خلال الفترة العثمانية. كما يعتبر أهم مبنى سكني داخل القصبة التي تضم بالإضافة إلى ذلك، مسجدين احدهما مسجد كتشاوة وقصرا ثانيا ومخزنا لملح البارود. يقع القصر في الزاوية الشمالية الشرقية للقصبة، وعرف عدة تحولات مع توالي القرون. فبعد بنائه خلال النصف الثاني للقرن 16، احتفظ خلال القرنين 17 و 18 بوظيفة عسكرية كما كان مقرا لمجلس الديوان. وكانت حامية من جيش الانكشارية تحرس القصر.
مداخل قصر الداي حسين
يمكن الدخول إلى القصر عبر مدخلين رئيسيين. واحد يؤدي إلى الساحة عبر باب مغطاة بقبو، أما الثاني فيربط الطريق بباب ذو مدخل متعرج يحفظ الحياة الخاصة لساكني القصر. هذه العادة التي كانت شائعة في العهود القديمة، تستعمل في العمارة السكنية والعسكرية على حد سواء. يؤدي المدخل المتعرج إلى قاعة وسطى مزينة بنافورة من الرخام وبقبة نصف دائرية زينت جدرانها بالزليج والصباغات.
تحيط بالساحة المستطيلة التي تشكل مركز القصر أربعة أجنحة مبنية على ثلاثة طوابق. ويضم القصر شقق الداي وجناحا خشبيا صغيرا ذا زخرفة غنية يعرف” بجناح حادثة المروحة “، إضافة إلى مطابخ وحمام وقاعة للموسيقى زين جدارها الداخلي بقوس وأعمدة صغيرة. أما جناح “الحريم” وهو مكان مستقل ومخصص للنساء فيوجد في الشمال الغربي للقصر وينتظم حول صحن صغير فوق الديوان والمخزن.
جدران مزينة بزخارف وخزف من إيطاليا واسبانيا والطابع العثماني يبقى الاكثر تميزا!
تتكون المربعات الخزفية التي تزين جدران القصر أساسا من تشكيلات نباتية وزهرية تستقي أصولها من الفن الإيطالي وقد جلبت خاصة من تونس إلى ظلت تربطها علاقات تجارية بحرية وطيدة ومستمرة. في حين جلب الباقي من إيطاليا وهولندا وإسبانيا.
قصر الداي حسين وحادثة المروحة التي اتخذتها فرنسا حجة لاحتلال الجزائر.
يرتبط القصر في الذاكرة الشعبية بفترة الاحتلال الفرنسي للجزائر، فالقصر الذي أقام فيه الداي حسين 12 سنة، شهد في 1827 ما سُمّي بـ «حادثة المروحة» التي اتّخذتها فرنسا ذريعة لاحتلال الجزائر، حين استقبل الداي القنصل الفرنسي شارل دوفال وطالبه بتسديد الديون المترتّبة على فرنسا، وهي في الأصل مساعدات قدّمتها لبلاده بعد أن فرضت الدول الأوروبية حصاراً عليها بعد الثورة الفرنسية. يقول المؤرّخون إن دوفال تصرّف بطريقة «غير لائقة»، فطرده الداي ملوّحاً بمروحته، فأرسل الملك شارل العاشر جيوشه إلى الشواطئ الجزائرية، بحجة «استرجاع شرفه المهدور».. وخلال الفترة الاستعمارية بدل الجنرال دوبورمون بنية القصر لتحويله إلى مقر لإقامته. وقد تم تقسيم القصبة إلى جزأين بعد أن اخترقها طريق كما عزلت عن باقي المباني المجاورة.
يبقى القصر واحدا من اهم التحف العمرانية الشاهدة على حقبات زمنية صارت اشبه بأساطير الف ليلة وليلة لما تختزنه من حكايات واحداث بين جدرانها العتيقة..ارث عمراني رائع لابد ان ننفض عنه غبار الزمن ايسطع بريقة وينتشر عبقه من جديد.
جريدة الشعب الجزائرية
الموقع الالكتروني الشروق