Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
منوعات
ترندينغ

تسول الأطفال في الجزائر..”صدكة ،بجاه ربي” وما خفي أعظم!

لاطفال العالم عيد ..فماذا عن اطفال الظلام ؟

تختلف أوجه الاحتفال باليوم العالمي للطفل ،حفلات،نشاطات تربوية،مسابقات ،تكريمات ..الخ  لكن يبقى الهدف واحد وهو وضع الطفل نصب الأعين  وتحسيسه بمكانته المهمة في المجتمع باعتباره بذرة مستقبل لن يكون مشرقا إلا به  ..لكن ماذا عن أطفال الظلام؟ أولئك الذين اطفات حياة البؤس والشقاء ملامح البراءة على وجوههم ؟ أطفال يفترشون الشوارع والأرصفة  يستعطفون المارة ويتسولون بعض الدنانير..فقط بعض الدنانير تجعل وجوههم تشرق من جديد؟

في عيد الطفل العالمي .ارتأى موقع ياسمينات أن يسلط الضوء على ظاهرة التسول عند الأطفال التي أخذت  منحنى تصاعديا منذ سنوات، في ظل أزمات اقتصادية واجتماعية متتالية وغياب أساليب الردع الحقيقية التي تحد من انتشا هذه الظاهرة، وتعيد للطفل براءته ليعيش طفولته بكل تفاصيلها.

ياسمينات تقف عند ظاهرة تسول الاطفال في الجزائر

في جولة استطلاعية للوقوف على الظاهرة أكثر ،خرجنا في جولة استطلاعية لتقصي الحقيقة من الميدان. في إحدى مخارج مدينة البليدة اتجاها نحو الجزائر العاصمة ،لاحظنا ثلاث شابات لا يتجاوزن الثلاثين من العمر ،بشرة سوداء داكنة، لهجة دخيلة عن اللهجات الجزائرية لا تفهم منها سوى كلمة “صدكة” بمعنى صدقة ،ولباس يوحي بانتمائهن للبلدان الإفريقية المجاورة ، على ظهورهن أطفال في سن مبكرة ،وفي جحورهن من هم في سن الرضاعة وبجوارهن أطفال آخرون لم يتجاوزوا الرابعة او الخامسة على اكثر تقدير..كانوا ثلاث نساء وسبعة أطفال … توقفنا  بالسيارة وإذا بثلاثة أطفال منهم يهرعون إلينا، كادوا أن يكسروا زجاج نافذة السيارة بإلحاحهم على تقديم بعض النقود في علبة بلاستيكية في ايديهم .حاولت الحديث معهم لكن لم يجد حديثي معهم بنتيجة، حيث لم افهم منهم سوى جملة واحدة بالدارجة الجزائرية ولكنة افريقية ..”ا صدكة صدكة على وجه ربي  “قدمت بعض القطع النقدية وبصعوبة غلقت زجاج النافذة وأنا أتساءل في نفسي كيف لهؤلاء الأجانب المقيمين بدون شك بطريقة غير شرعية في الجزائر أن يقضوا يومهم في الطرق السريعة تحت اشعة الشمس الحارقة بأطفال قصر على مرأى السلطات؟

اشكال جديدة للتسول

تابعنا  الطريق نحو العاصمة ،وقبل حوالي كيلومترين من الحاجز الأمني بمدينة بابا علي  تباطأت وتيرة سير السيارات ما سبب شبه توقف للمركبات..لمحنا على حواف الطريق بعض النساء بعباءات سوداء لكن سرعان ما اقتحم بعض الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم العشر سنوات عجقة السير..رحت انظر إليهم وقد بدوا لي للحظة على هيئة قطاع طرق في عمر الزهور وهم يطرقون بأيديهم الصغيرة زجاج السيارات يعرضون علينا  مناديل ورقية وكتيبات للأدعية الدينية بسعر 50 دج  وهو شكل جديد للتسول واستعطاف الناس ..لهجة سورية بلكنة جزائرية !!!تساءلنا هل فعلا هؤلاء من اللاجئين السوريين الذين شتتهم الحرب  لتقذف بهم هنا وهناك فانتهى بهم المطاف الى التسول كسبا للقمة العيش ؟؟؟ أم  للأمر ابعاد أخرى؟؟؟

اطفال رضع على الارصفة ..مشاهد صارت جزءا من الحياة اليومية !

التسول بالاطفال على ارصفة الطرقات

ركننا السيارة أخيرا في جوار سوق بئرخادم، وخرجنا نتمشى، فرصدنا الكثير من المتسولين من كل الفئات العمرية شيوخا شبابا وحتى من ذوي الإعاقات ..أثارت انتباهي امرأة ببشرة بيضاء تجلس على الرصيف، تحمل رضيعا في أشهره الأولى ،بجوارها  طفل يلعب بعلبة عصيرفارغة، وينظر في أوجه المارة  وفتاة صغيرة جدا تتوسد حجرها لا يبدو أن عمرها تجاوز 3 سنوات.نهضت بسرعة بمجرد رؤيتي اتجه إليها  مدت إلي يدها فأخذت كلتا يديها وانحنيت أمامها لأتحدث معها.لكنها اكتفت أن تبادلني الحديث بابتسامة فقط ، ويا ​​لها من ابتسامة بريئة. رحت اسألها عن عمرها لكنها لم تجبني  تحدثت إلى المرأة الجالسة بجانبها ، فقالت إنها والدتها.وان ابنتها تبلغ سنتين ونصف من العمر..سألتها ماسبب وجودها في هذا المكان مع ثلاثة أطفال منهم رضيع يجب أن يكون في مكان أكثر أمنا، خصوصا في ظل انتشار وباء كوفيد 19.فراحت تشرح لي أنها أرملة وليس لديها خيار آخر.وأنها مجبرة على البقاء هنا  مع أطفالها الثلاثة. على أمل الاستفادة من كرم المارة. ورغم قساوة مشهد المرأة وأطفالها الثلاثة ،خصوصا بوجود رضيع لاحظت أن أغلبية المارة يمرون مرور كرام ،دون أن يولوا أدنى اهتمام لهؤلاء المتسولين ، وكان قلوبهم أصبحت  صماء لا تنبض للبراءة !والحقيقة انهم اعتادوا على هذه المشاهد التي أصبحت جزءا من حياتنا اليومية .أعطيت ورقة نقدية للطفل وأخرى، للطفلة فتوهجت وجوههما كطفلين حصلا على أكثر هدية مرغوبة في عيد ميلادهما ،وأسرعا لإعطاء الورقتين النقديتين لامهما التي راحت تنظر يمينا ويسارا قبل ان تخفي النقود بين ثيابها.

تساؤلات بخصوص تسول الاطفال وشهادات صادمة !

تساءلت في نفسي  هل من الممكن أن تكون هذه الفتاة الصغيرة البالغة من العمر عامين ونصف قد استوعبت دورها في هذا العالم المظلم كمتسولة؟ هل هي أداة تستعملها أمها لاستعطاف المارة ؟ هل أنا متواطئة معها لأنني منحتها ورقة نقدية ؟ وكأنني أشجعها على مواصلة تقمص دور المتسولة وقد عجزت عن مقاومة وجهها البريء؟ أي مستقبل ينتظر هؤلاء ؟  غادرت بكل هذه الأسئلة فتبعني رجل في الستينيات من العمر وراح يعاتبني ، لماذا قدمت النقود لهؤلاء ؟ اغلبهم يمتهنون التسول لصالح عصابات تستأجر الأطفال من العائلات الفقيرة أو من ذوي العاهات المرضية لاستعطاف المارة، لتدفع بهم هذه العصابات إلى التسول لتحقيق مبالغ مالية ،ولعلمك فإنهم لا يغادرون حتى يحصلون على المبلغ المتفق عليه ، وقد يتعرضون للعقاب الشديد في حالة عجزهم عن كسب المبلغ اليومي.تركت الرجل وأنا أتساءل ماذنب هؤلاء الأطفال المعتدى على طفولتهم؟ ،على كرامتهم؟مالذي يمكن أن يبرر تواطؤ العصابات ،الاباء و المسؤولين عن هؤلاء القصر في استغلالهم في ظاهرة التسول التي قد تودي بهم الى آفات أخرى اخطر بكثير ؟ ثم من هم الجناة؟ الآباء؟ المسؤولون الحكوميون ، أم هؤلاء المارة الذين يستمرون في إعطائهم الصدقات ؟ ماهي الحلول الممكنة للقضاء نهائيا على هذه الظاهرة لإعادة كرامة هؤلاء الأطفال مع احترام حقوقهم الأساسية؟

الحقوقية مليكة موناري ل ياسمينات

الاستاذة مليكة موناري محامية
الاستاذة مليكة موناري-محامية

وللإجابة على هذه التساؤلات عرضنا الموضوع على الحقوقية الأستاذة مليكة موناري  في اتصال مع موقع ياسمينات التي قدمت لنا نظرة شاملة عن واقع التسول في الجزائر ،ودور العدالة للحد من هذه الظاهرة فكانت مداخلتها على النحو التالي

تسول الأطفال ظاهرة عالمية يسعى رجال القانون لتداركها 

تسول الأطفال ظاهرة عالمية، و لعل المطلع على تاريخ  المجتمعات عبر العصور، سيجد أثارا لهذه الظاهرة التي و إن كانت تصرفا عاديا في بداية تاريخ البشرية، إلا أنها و مع الوقت و تغير مفهومها الاجتماعي  أصبحت عيبا على ممارسيها .

وحاول رجال القانون حديثا تداركها ، و ذلك بسن شتى القوانين القمعية لمنع هذه العادة السيئة ، التي تؤدي بالأطفال إلى افات اخطر بكثير!

كما قالت محدثتنا “لعل الأمر الأخطر من تسول الأطفال في حد ذاته  هو إخضاعهم  للتسول  بمباركة أوليائهم أو عصابات منظمة في هذا المجال.

 تدفق الجاليات الأجنبية وتدهور المستوى المعيشي ساهما في انتشار الظاهرة

عموما لم تكن تعرف الجزائر بعد الاستقلال التسول بالكثافة التي هي عليها اليوم -تقول محدثتنا – بل أكاد أجزم أنه لم نكن نرى بتاتا تسول الأطفال في السبعينيات من القرن الماضي ،و لكن مع مرور الوقت، و خصوصا بداية الألفين و تدفق بعض الجاليات الأجنبية ، و تفاقم الوضع الاقتصادي ، و ظهور جائحة الكورونا مع تدني المستوى المعيشي لبعض الفئات في المجتمع الجزائري ، جعلوا المواطن الجزائري لا يكاد يخطو خطوة أو يدخل محلا أو يقف عند إشارات المرور إلا واعترضه أطفال يتسولون سواءا بمفردهم أو برفقة بالغين ، لا ندري إن كانوا أوليائهم فعلا..!!

وأضافت الأستاذة مليكة موناري انه  يحدث أن يتم التسول من طرف مجموعة من الأطفال ، الذين قد يصل بهم الأمرالى الاعتداء على من يرفض الاستجابة لطلبهم ، و رجحت حسبها  أن هؤلاء الأطفال يخضعون لشبكات محكمة التنظيم وأن ورائها عقل مدبر يغتنم براءة الطفولة و يهددهم، و يعاقبهم أشد العقاب في حالة رجوعهم بدون جني الأموال و تلك هي الطامة الكبرى.

الجزائر تتصدى للظاهرة بوضع مواد قانونية تجرم وتعاقب التسول 

وأكدت الأستاذة مليكة موناري  أن الجزائر انضمت  إلى العديد من الاتفاقيات لحماية  حقوق الطفولة، على غرار الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل سنة 1990 ،و اتفاقية حقوق الطفل في 19 ديسمبر لسنة 1992.الى غير ذلك من الاتفاقيات الدولية.كما عززت ذلك على المستوى الوطني بترسانة من القوانين لحماية الطفل بصفة عامة و حمايته من التسول على وجه الخصوص ، فقد تم الإشارة  إلى حماية الطفولة في الدستور أولا، ثم بوضع مواد قانونية تجرم و تعاقب التسول عامة، و استغلال الأطفال في التسول خاصة، و ذلك بوضع إجراءات ردعية سواء للبالغين الذين يجبرون الأطفال على التسول، مع حماية الطفل طبعا و ذلك بقانون حماية الطفولة رقم 15-12 ل 15 جويلية  2015 ،مع تجريم استغلال الأطفال في التسول في قانون العقوبات.

تجسيد القوانين الردعية وتكاتف المؤسسات المعنية لاستئصال هذه الآفة.

لكن الإشكال المطروح، كل هذه التدابير المحكمة باتت لا تغير من الأوضاع الراهنة. فتسول الأطفال يزداد بمعدلات جنونية ، و نجاعة هذه الاتفاقيات و القوانين  لن يكون لها الغرض المنشود إلا بتطبيقها على أرض الواقع.وتضيف محدثتنا “إن عدم تطبيق هذه القوانين له ضرر من جانبين، أولا الطفل الذي إن لن يتم إنقاذه في هذه الفترة سيكون له مستقبل مجهول سواء على المستوى المادي أو المعنوي و من الجانب الآخر إن التغاضي عن هذه الظاهرة ستكون له عواقب وخيمة في السنوات المقبلة ، إذ سيؤدي ذلك إلى ازدياد نسبة الجريمة و السطو بغرض اقتناء النقود بصفة أو بأخرى، فهذا ليس بالأمر الهين و أرى شخصيا أنه لا بد من دق ناقوس الخطر”

وتنهي الاستاذة مليكة موناري حديثها  معنا بتاكيدها  على ضرورة تكاتف جميع الجهات المعنية من حقوقيين و أسلاك الأمن  والمهتمين بشؤون الطفل  لتطبيق هذه القوانين، وردع ظاهرة تسول الطفل بصفة نهائية بل و استئصالها من جذورها.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى