تعد المهيبة او عيد العروس من العادات الجزائرية المتوارثة أبا عن جد والتي أصبحت تثير الكثير من الجدل في وقتنا الحاضر لأسباب مادية من طرف العريس وأحيانا انتهازية من طرف العروس، حيث تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى فضاءات نقاش واستشارة للكثير من المقبلين على الزواج ، حول أكثر الهدايا شيوعا وتداولا في عيد العروس والتي تختلف من مكان إلى آخر وتطورت عبر الزمان لتشمل هدايا جديدة لم تكن متداولة ولا حتى معروفة في السابق .
لماذا تقدم الهدية للعروس في يوم العيد؟
المهيبة في الأصل عبارة عن لقاء يجمع أهل العروس والعريس عادة في اليوم الثالث من العيد حيث يتم تقديم هدايا للعروس ، ويختلف نوعها وقيمتها المادية من منطقة إلى أخرى، وبحسب الإمكانيات المادية للعريس هو بمثابة تكريم للعروسة ورفع من شانها أمام عائلتها ،وتعبير عن تمسك العريس بها ما أنها فرصة لأهل الطرفين للتعارف أكثر والحديث عن شروط وإجراءات الزواج .
وباتت هدايا المهيبة من أكثر المواضع جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث علقت السيدة نفيسة في منشور لها على الفايسبوك “كل وقت وناسو والناس بأذواقها وظروفها ومكانتها الاجتماعية .. ” في السابق كانت تقريبا كل الأسر تعيش في مستوى اجتماعي واحد
المهيبة بين الأمس واليوم
كانت المهيبة التي يأخذها آهل العريس لكنتهم المستقبلية تقدم على شكل قهوة وسكر وزيت وقطع من القماش في زيارة يحضرها كبار العائلة من الطرفين..وقتها كان الزواج لا يكلف لكنه مبارك تغيب عنه مظاهر التكلف والترف والاهتمام بالماديات والبهرجة التي تثقل كاهل العروس والعريس على وجه الخصوص، وكانت العائلات الميسورة الحال عموما هي التي تقدم الحلي الذهبية للعروس ،أما اليوم فينطبق على الزواج المثل القائل “افتح فمك مرة واحدة وافتح جيوبك ألف مرة ” يكفي للرجل أن يقول مرة واحدة سأتزوج، لكن عليه أن يفتح جيبه ألف مرة بسبب كثرة النفقات التي تقع على العريس أكثر من العروس، لما يقدمه من مهر وذهب وتجهيز بيت الزوجية وكراء قاعة الحفلات وإطعام المدعوين ..إضافة إلى المهيبة التي صارت واجبا عليه لتقديمها في المناسبات الدينية خصوصا إذا طالت فترة الخطوبة . و المهيبة في الحقيقة ما هي إلا تعبير عن تمسك الرجل بخطيبته توثيقا لرباطهما المقدس، وتمتّين العلاقات بين الأسرتين.غير أنها أصبحت فرض عين في أيامنا هذه.
ومن الهدايا الجديدة الشائعة وسط شباب اليوم تأتي الهواتف الذكية في المقدمة، حسبما أكده استطلاع لموقع ياسمينات على مواقع التواصل الاجتماعي ، أين أكد الكثير من المقبلين على الزواج أن أول خيار لعروسة اليوم في هدية عيدها هاتف ذكي، والأفضل أن يكون آخر صيحة والذي عادة ما يكلف مابين ثلاثة إلى خمسة ملايين، وفي هذا الإطار يشهد سوق بلفور للهواتف الذكية في الحراش عشية العيد إقبالا كبيرا للعرسان المستقبليين ،لاختيار أحدث أنواع الهواتف الذكية لخطيباتهم وهذا عوضا للهدايا التقليدية التي كانت عبارة عن ألبسة تقليدية وحلي ..
المهيبة وسيلة لمعرفة الذهنيات قبل الزواج
تقول الحاجة يامنة أن القصد من المهيبة ليس الهدية بذاتها بالرغم من كونها وسيلة لتأليف القلوب ،والتعارف ،وكسب الود هي في الظاهر فقط تبدو هدية لكن باطنها والغرض منها أعمق أهل الفتاة غالبا ما يريدون معرفة ذهنيات العائلة التي ستزف إليها ابنتهم .إذ كان آهل العريس في القديم يأتون بالمهيبة وما يرافقها من حلويات في قفة آو رزمة أو صينية ولا يردها أهل العروس لأهل العريس عند انتهاء الزيارة بل تخصص والدة العروس يوما خاصا تذهب فيه إلى بيت العريس لترد لهم القفة آو الرزمة أو الصينية مرفقة بعلبة سكر كرمز لتطييب العلاقة …لكنها من جهة أخرى طريقة لمعرفة آم العروس الظروف المعيشية للعائلة التي ستعيش معها ابنتها.
المبالغة في الهدايا سبب عزوف الشباب عن الزواج
وتتمسك العديد من المناطق الجزائرية بهذه العادة،معتبرة إياها حق من حقوق الفتاة قبل الزواج ،بل وتشترط أن تتضمن “المهيبة” “قطعة حلي من ذهب” إلى جانب كسوة العروس ومبلغ مالي في كل مناسبة دينية طوال فترة الخطوبة على غرار منطقة عنابه،بوسعادة، تلمسان…الخ ، فهي تعتبر هذا إشارة إلى رفع قدرها أمام عائلتها وقريناتها من الأقرباء .الأمر الذي يراه البعض “أحد أسباب عزوف الشباب المتوسطي الدخل عن الزواج”.
وفي هذا السياق تقول إحدى الأمهات في منشور على الفايسبوك أن المهيبة في عائلتهم مؤشر عن رفعة ورقي مكانتهم الاجتماعية خصوصا وإنها من عائلة معروفة وميسورة الحال، ما يوجب عليهم اقتناء هدايا قيمة للعروس لإظهار مكانتنهم الاجتماعية كما أنهم يرفقون الهدية القيمة بباقة ورد جميلة وحلويات فاخرة لإبداء مركزهم الاجتماعي المرموق ويحسب لهم ألف حساب ولا يقال عنا أننا بخلاء.
المهيبة قد تكون مصدر خلاف بين العائلات
في احدي المجموعات على الفايسبوك وضعت أحدى المقبلات على الزواج منشورا وضعت فيه هدية خطيبها وهي تحتقرها وتقول انظروا إلى هدية زوجي المستقبلي هل اتركه لأنه قلل من قيمتي، غير أن خطيبها رأى المنشور فرد عليها مباشرة ..لا داعي لطلب المشاورة فانا فسخت خطبتي لك .
وتقول فتاة أخرى ” أنا انتمي لعائلة كبيرة وقريناتي كثيرات من بنات الأعمام والأخوال وقد كنت متلهفة لتلقي هدية العيد من أهل خطيبي وحضرنا كل ما يلزم لاستقبالهم على أحسن وجه ،لكن المفاجأة كانت بعد مغادرتهم يث وجدت هديتي عبارة عن كتف خروف وفستان ليس على الموضة ما أثار استهزاء قريناتي ونساء إخوتي، فهو لم يكرمني بهدية تليق بمقامي كما هي عاداتنا حيث نقدم في المهيبة قطعة حلي ذهبية مع عطور وملابس .وقد استأت كثيرا وقررت أن الغي الخطبة “
يسروا ولا تعسروا… اقلهن مهرا أكثرهن بركة
ويتوجه البعض إلى ذم هذه العادة مبررين ذلك بتغير الظروف المعيشية .فمثل هذه العادات تخلق التوتر بين العائلتين قبل الزواج . ويشدد هؤلاء على ضرورة تخفيف الأعباء عن الرجل ،وذلك بالتفاهم منذ البداية بشطب هذه العادات المكلفة من فترة الخطوبة .مبررين ذلك بعدم تحميل الرجل أعباء ديون هدايا العيد لمحدودي الدخل ،والتركيز على كسب الود بالتفهم والتعاون على ترشيد نفقات الزواج فيما هو أهم مثل البيت وتجهيزه ، خصوصا و أننا كمسلمين يجب أن نهتم بجوهر الأمور لا بمظهرها. وقد أتى في هذا السياق حديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم..اقلهن مهرا أكثرهن بركة..بينما يتجه البعض الآخر إلى المحافظة على عادة المهيبة كهدية رمزية تعبر عن تقدير آهل الزوج لكنتهم المستقبلية دون تكلف في اقتناء أشياء باهظة الثمن
في الأخير نقول أن المهيبة ما هي إلا وجه من أوجه الملاطفة والتودد بتخصيص الكنة المستقبلية بجزء من حلويات او أضحية العيد ، ويعتبر هذا بمثابة تعبير للفتاة ولأهلها بأنها فرد من أفراد العائلة ولها نصيب من أعيادهم .ونختم بحديث سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام “يسروا ولا تعسروا ،وبشروا ولا تنفروا.اللهم يسر لشبابنا وشاباتنا طرق الحلال .