“le petit Omar”الشبل الذي ضلل فرنسا!
الحرية تأخذ ولا تعطى
لم ينتزع اجدادنا هذا الوطن من قبضة الاستعمار بالمجان ، فالثمن كان أغلى مما نتصور! .. مليون ونصف المليون من الشهداء ،تيتم الأطفال ،وترملت النساء وفجعت الأمهات على فلذات اكبادهن الذين اعدمتهم فرنسا الهمجية في عمر الزهور.كان الثمن النفس والنفيس ،ولم تستثن فرنسا الحجر والشجر ولا أطفال في ربيع العمر! ذهبت فرنسا ،ورسخت في الذاكرة وحشية لا تمحى!
ثورة التحرير الجزائرية..رمز الكفاح والصمود!
لقد كانت ولا تزال الثورة الجزائرية رمز الكفاح والصمود ..مقاومة شعب اعزل قاوم دبابات فرنسا بالبنادق وبقلوب امنت أن الحرية تنتزع ولا تعطى ،فتسلح بالارادة والعزيمة لافتكاك النصر، والعيش في سماء الحرية و السلام .
لم يتوانى الجزائري عن تقديم كل مايملك لتحقيق النصر،فوقفت المراة جنب الرجل بقلب تجرد من لين انوثته للذود عن هذا الوطن ..قدمت زوجها قربانا لهذا الوطن بل وقدمت اكثر من ذلك حينما تحجر قلب الام فيها وهي تزغرد على استشهاد ابن شهيد !
Le petit omar عمرالصغير طفل بألف رجل!
حينما كان أطفال فرنسا يتعلمون في مدارس شيدتها فرنسا على ارض مغتصبة ،كان أغلب أطفال الجزائر يتعلمون من الجوع عدم الخضوع ،ومن الحرمان قوة الشجعان، ومن حلم فرنسا بالخلود تعلموا معنى الصمود، فكانوا أبطالا حتى وهم أطفال..
وبالرغم من ان االمعطيات التاريخية شحيحة في نقل شهادات عن مشاركة الاطفال في حرب الجزائر ضد فرنسا ،الا ان المعلومات القليلة في هذا الشان تمنعنا غن تجاهل الروح النضالية للطفل الجزائري ، التي كانت وليدة معاناة عاشها في طفولته التي حرم منها، والتي زاد الفقر واليتم من حدتها .مرارة طفولة قاسية ،جعلت أطفال الثورة يدخلون غمار المقاومة والنضال .
بوزيد سعال يتقدم مظاهرات 8 ماي 1945 ويسقط شهيدا يحمل العلم !
كيف لنا الا نخلد أطفال الثورة وقد تجردوا من خوف الطفل الصغير ليكونوا شجعانا يتقدمون الصفوف الأولى للمقاومة ،وخير مثال على ذلك ما حدث في 8 ماي 1945 حيث كان الكشاف بوزيد سعال اول شهيد يسقط على أيدي قناصة المستعمر الفرنسي آنذاك، سقط حاملا العلم الوطني فسجل التاريخ اسمه وربطه بأول ظهور للراية الوطنية للعيان بيد طفل جزائري لا يتجاوز سنه 13 سنة.
انخراط الطفل في حرب التحرير الجزائرية،عمر ياسف نموذجا
ولد عمر الصغير سنة 1944 في حي القصبة الشعبي بالجزائر العاصمة ،زاول دراسته في نفس الحي الذي ولد فيه لكنه انقطع عنها وهو في 11 سنة من العمر3 كان طفلا كتوما كما وصفه شقيقه عبد الرحمن ياسف ،لا يحب الظلم ويتأذى عندما يرى كبيرا يضرب طفلا .استطاع عمر أن يكون وعيا وطنيا في سن مبكرة جدا ،ذكاؤه ،تكتمه شجاعته ،فطنته ووطنيته جعلته مؤهلا ليكون من ثوار القصبة الأوائل الذين وثق فيهم المقاومون ،تقول سهيلة عميرات وهي ابنة خالة الطفل الشهيد و مؤلفة كتاب عمر الصغير الذي تناولت فيه سيرته.وهو أصغر فدائي في الثورة دخل عالم النضال وسنه لم يتجاوز التاسعة ، حيث كان يرافق والده العضو في حزب الشعب إلى الاجتماعات السرية وكان يستمتع بذلك كثيرا، إذ كان يلتزم الهدوء تماما كالمناضلين الكبار ويصغي لأحاديثهم وينجذب لخطبهم، وعلى الرغم من أنه لم يكن يفهم الكثير مما يقولونه ،إلا انه كان يعي أن على فرنسا أن تغادر وطنه الجزائر.
ثقة الثوار في عمر الصغير
تنقل سهيلة عميرات عن السيدة ذهبية والدة عمر الصغير ،التي توفيت في 2007 ،بان عمر كان ذكيا وفطنا وقالت انه بينما كان يلعب ذات يوم في الحي شاهد شابا فدائيا يظهر مسدسه من تحت سترته ،فاقترب منه ونبهه قائلا “منديلك يتدلى يا سيدي ” وهنا أدرك الفدائي انه يقصد المسدس. فحمل عمر على كتفيه وشكره فتبسم عمر وقال له” أصحاب المناديل أصدقائي”
عاش عمر واحتك بكبار المناضلين الذين وضعوا ثقتهم فيه رغم سنه الصغيرة جدا، فكانوا يكلّفونه بمهمات حسّاسة وسرية، تقول سهيلة عميرات “كان عمر الصغير حلقة وصل بين القائد العربي بن مهيدي وياسف سعدي وباقي الفدائيين ،وشهد له البطل العربي بن مهيدي بحماسه المتقد وبإرادته الفولاذية” .ونتيجة اجتهاده وإخلاصه للثورة، قال عنه أحد القادة العسكريين الفرنسيين ـ ما معناه ـ؛ “إنّ الإمساك بهذا الطفل سيسمح لنا بإلقاء القبض على بقية عناصر فوج القصبة”.
عمر الصغير.. الشبل الذي ضلل فرنسا
تجرّد عمر من ثوب الطفولة وارتدى لباس الرجولة مبكرا ،وتخلى عن المدرسة من أجل أداء مهامه الوطنية..انقطع عن عائلته لأشهر عديدة وانشغل بالعمل الفدائي .لم يرهب هذا الطفل اقتحام المظليين لمنازل وسطوح القصبة، وحمل الرسائل بأمانة وشجاعة في محفظته وخطف الميكروفون خفية لمخاطبة الجزائريين أثناء إضراب الثمانية أيام للرفع من معنوياتهم، كما اجتاز الحواجز الأمنية الموجودة بالقصبة، وكم من مرة سار في أزقتها والفدائيون يمشون وراءه وقد استأمنوه على مصيرهم
عمر الصغير يحفر اسمه في تاريخ معركة الجزائر
استشهد الصغير الكبير في 8 أكتوبر 195بعد محاصرة الجنود الفرنسيين شقة في حي القصبة العتيق، أين كان يختبأ رفقة مقاومين آخرين هم ..حسيبة بن بوعلي ،علي لابوانت محمود بوحميدي ،ونسفت الشقة التي كان يختبأ فيها رفقة المقاومين بعد فشل تهديدات المستعمر لإجبارهم على تسليم أنفسهم. فاستشهد ليدخل التاريخ كبيرا مع الكبار وهو في سن الصغار وقد خلد التاريخ اسمع وبطولته تتناقلها الأجيال جيلا عن جيل.