تبتهج الأسرة عند ميلاد طفل جديد ويتسابق أفرادها على اختيار اسم جميل له ،و الذي يعتبر حقا من حقوقه ومسؤولية ثقيلة على والديه الذين يتوجب عليهما اختيار اسم لائق يميز ابنهم عن غيره ، وقد أولى ديننا الإسلامي تسمية الطفل أهمية بالغة لان الاسم يلازم الانسان حيا او ميتا ، ويظل متسمياً به حتى في عالمه الآخر، و تظهر أهمية الأسماء وقدسيتها في تخصيص الله عزوجل ملائكته الكرام بأسماء مختلفة .لكن الملفت للانتباه في الآونة الأخيرة هو انتشار ظاهرة تسمية الأولاد بأسماء غريبة عن مجتمعنا وغير مألوفة، لا تتصل لا بلغتنا ولا بثقافتنا وهويتنا ، وتغلب عليها الميوعة المتكلفة، والعبثية غير المسؤولة دون ملاحظة الآثار السلبيّة لها.
أسباب انتشار هذه الظاهرة
يرجع المختصون أسباب ظاهرة الأسماء الغريبة إلى حرص الآباء على مواكبة الموضة .كما أن هناك من يُسمي أولاده بأسماء غريبة من باب التفاخر بأن اسم ابنته أو ابنه منفرد وغير شائع ولم يسبقه إليه أحد، مما يجعلهم ملفتين في المجتمع. وهناك من يعتبر ذلك مواكبة للعصر حيث تجدهم يختارون لأبنائهم أسماء تتناسب مع هذا الزمن، فهم أبناء هذا العصر، وكلّ عصر له متطلّباته، فلا ينبغي التمسّك دائماً بالأسماء القديمة الدارجة عند أجدادنا على حسبهم ،فالأسماء القديمة لم تعد مُسْتَحْسَنَةً أساساً في هذا الزمن، بل بعضها صار اسماً ثقيلاً على الإنسان، بل البعض يستغرب ويستهجن فيما لو سمع أنّ فلاناً قد أسمى ابنَه بالاسم الفلاني،مبررين ذلك بأنه لا يلائم الصغار، باعتباره اسما قديما ويتناسب مع كبار السنّ.
ومنهم من يتأثرون بشخصيات تحمل اسماءا دخيلة على مجتمعنا ،دون مراعاة معانيها .فمنهم من يعجب بممثلين مشهورين.. مثل ريماس ومعناه في اللغة الدفن و ظلمة القبر. و يارا وهو اسم فارسي يعني الأكل المحترق . وكذلك لارا الذي يعتبر احد أسماء الآلهة عند الحضارة اليونانية .واسم مايا الذي يحمل اسم إحدى أكثر القبائل كفرا في أمريكا.ومنهم من يعجب بزعيم مثل انديرا وديانا ، أو ما شاع من أسماء في المسلسلات التركية مثل راكان، وكنان، وغيرها.
وفي الغالب لا توجد اهداف معينة من وراء اتخاذ اسماء غريبة عن لغتنا وثقافتنا سوى انه تقليد اعمى وغير مسؤول ، وتحقيق للرغبات الشخصية، ومنهم من يعتبره سبقاً لم يصل إليه غيره.
أهمية الاسم لصاحبه
يشير المختصون الى أن الاسم هو عنوان صاحبه، وأول انطباع يُؤخذ عنه بعد مظهره. كما أنه يُؤخذ من خلاله انطباعٌ عن والديه اذ يقال ( مِن اسمِك أعرِف أباك)، فهو المعيار المعبِّر عن هويَّة وثقافة الأب .
وللاسم نصيب من شخصية صاحبه ، وهذا الأمر قد قدَّره الله، وألهمه رسولَه الكريم -صلى الله عليه وسلم-؛ فكان واضحًا في مواقفه، وألهم الله تعالى هذه الحقيقة في نفوسَ العباد. واليوم يصيح عُلماء النفس مؤكدين ذلك؛ فَقَلَّ أن يوجد لقب إلا وهو يناسب صاحبَه، حتى اصبح يقال “. لكل مسمًّى من اسمه نصيب”.
ما أثر الاسم على نفسية الطفل؟
يقول الاخصائيون النفسانيون ان الاسم يترك في نفس الطفل الكثير من الأثر الذي يبقى معه طوال عمره، لهذا فإنّ اختيار اسم جميل من أحرف متناسقة ، يشعر الطفل بالعزة والاشباع النفسي ،ويترك أثرًا طيبًا لديه. وقد أثبتت الدراسات أنّ للاسم تأثير قوي ومباشر على الشخصية، لأنه يُؤثر على نظرة الآخرين له وعلى مكانتة الاجتماعية .وحسب دراسات عديدة أوضحت أنّ أصحاب الأسماء الشائعة هم الأوفر حظًا في الحصول على وظائف العمل عند مقارنتهم بغيرهم، وذلك لوجود شعور لدى رؤساء العمل بأنّ أصحاب الأسماء الشائعة هم الأكثر مهنية في العمل.من جهة أخرى تؤثر الكثير من الأسماء سلبا على نفسية المسمى، و تجعله يشعر بالخجل من اسمه ، مما يسبب له الانطواء وغيره من الأمراض النفسية؛ نتيجةً لسخرية الآخرين؛ لهذا يجب اختيار اسم مشابه لأسماء الأقران، حتى لا يتعرض الطفل للاستهزاء من الآخرين، الذي يُسبب له عقدة نفسية كبيرة.
ما هي الأسماء المكروهة للطفل
يوجد بعض الأسماء المكروهة التي يُفضل عدم تسميتها للطفل، مثل الأسماء صعبة النطق..كما يُكره تسمية الأبناء بأسماء تدل على صفات غير محببة، وذلك لأنّ عقول الناس تربط بين الاسم وصفات صاحبه ، وتلك التي ترمز إلى معاني قبيحة .وقد عرفت هذه النوع من التسميات القبيحة رواجا عند بعض الأسر التي تعاني من وفاة أطفالها مباشرة بعد الولادة ،فيسمون أطفالهم بأسماء منبوذة وفقا للاعتقاد السائد عندهم بان الموت تنفر من الأطفال الذين يحملون اسماءا قبيحة .ومن هذه الأسماء اسم وحشية ومطايشة .كما ان هناك من يعتمد هذا النوع من الأسماء لتفادي الحسد ولخداع القدر حسبهم. وحسب المختصين فانه توجد عادة مماثلة في ثقافة الاشوريين قديما حيث كانوا يطلقون الأسماء القبيحة على أبنائهم تجنبا للحسد ومحاولة منهم في خداع الالهة والشياطين . ويكره تسمية الطفل باسم محرّم شرعًا، كأسماء التعبيد لغير الله تعالى، مثل: عبد الأمير وعبد الرسول
كذلك يجب تجنب إطلاق أسماء الله الحسنى التي اختص بها الله وحده على الطفل، مثل: رحمن أو قدّوس أو رزاق، أو الأسماء التي تعني التعظيم والتقديس مثل: ملك الملوك، وسيّد الخلق، وسيّد الناس. بالاضافة الى تسمية الطفل بأسماء الجبابرة والأصنام والكفّار والطواغيت مثل: هامان وفرعون وهُبل.عدم تسمية الطفل باسم لا يمت لدينه وثقافته بأي صلة، كتسمية الطفل المسلم باسم دانيال وعبد المسيح وبطرس.عدم تسمية الطفل بالأسماء التي تُثير سخرية الآخرين في المجتمع حوله وتحمل معنى قبيح. وتجنب التسمية بأسماء تُصير الشهوانية مثل: عشق وهُيام، وخصوصًا فيما يتعلق بأسماء البنات.
للإنسان نصيب من اسمه فاحسنوا اختيار أسماء ابنائكم
تقع على عاتق الوالدين مسؤولية اختيار اسم يليق بالمحيط العائلي والاجتماعي للطفل، جميل في معناه ، يسهل نطقه .إذ إنّ الأسماء الأسهل في النطق والهجاء هي الأفضل اجتماعيًا، لانها تُلاقي استحسانًا لدى الناس أكثر من غيرها، كما يُفضل اختيار الأسماء التي ترتبط بأشخاص وأهداف نبيلة، حيث أثبتت الدراسات، أنَّ الأسماء المرتبطة بشخصيات وأهداف نبيلة تساعد أصحابها على الوصول لمناصب أعلى مكانة، اضافة الى هذا فانَّ الأسماء التي عبرت عن صفات قياديَّة ساعدت أصحابها على احتلال مراتب إداريَّة أعلى من الأشخاص الآخرين، وفُسر الأمر بربط عقولنا للعواطف تجاه الأشخاص ومعرفتهم بصفات مشابهة لأسمائهم.
و أفضل الأسماء ، وأعلاها مرتبة تلك التي فيها تعبيد لله تعالى مثل: عبد الرحمن وعبد الله، وجميع الأسماء المعبّدة لله تعالى، أسماء التحميد، مثل اسم النبي محمد -عليه الصلاة والسلام-: محمد وأحمد، اسماء الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- و أسماء الصحابة والأولياء والعباد الصالحين مثل: عمر وعثمان وعلي. ولهذا يجب اختيار اسم الطفل بعناية ، لأن اسم الطفل ملازم له طوال عمره، مع مراعاة ظروف الزمان الذي وُلد فيه الطفل، مع تقليب الاسم على عدّة وجوه لاختيار الاسم اللائق له